السنة النبوية

تعريف السنة النبوية

 

 

 

 

 

السنّة في الاصطلاح

:

فهي تُطلقُ على معانٍ عدّة؛ وذلك بحسب الهدف المقصود ممّن يَستخدمها، وبيان ذلك فيما يأتي:[٢][٤]

 

السنة عند الأُصوليّين:

 

هي كُلّ ما صدر عن النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- ممّا يَصلحُ أن يكون دليلاً شرعياً، سواءً كان قولاً، أو فعلاً، أو تقريراً. السنّة عند المُحدّثين:

هيَ كُلّ ما جاء عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- من أقوالٍ، أو أفعالٍ، أو تقاريرٍ، أو صفاتٍ خَلقية، أو خُلقية، أو سيرة، سواءً كان ذلك قبل البعثة أو بعدها،

وما كان قبل النُبوّة يعتبر من قبيل دلائل النبوّة. السُنّة عند الفُقهاء: هيَ النافلة أو المندوب، أي غير الواجبات والفرائض،

وقيل: هي القُربات التي داوم عليها النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-؛ كصلاة الوتر، كما استعملها الفُقهاء في باب الطّلاق،

كقولهم طلاقُ السُنّة؛ وهو الطلاق المشروع،[٤]

وورد أنّ السنّة عند الفُقهاء هيَ الأحكام الخمسة، وهي: الفرض، والسُنّة، والحرام، والمكروه، والمُباح، وقيل: يُراد بها ما يُقابل الفرض، كقول: فُروض الوضوء وسُننه.[٥] فيُلاحظ أنَّ تعريف الأُصوليّين لا يدخُل

تحته أقوال وأفعال النبيّ -عليه الصّلاةُ والسَلام- التي كانت في شؤون الدُّنيا، وكذلك ما كان قبل النُبوّة، وأمّا السُنّة بتعريف المُحدّثين فهيَ أعمّ وأشمل من تعريف الأُصوليّين، فهيَ كُلُّ ما صدر عن النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-.[٤] ويُقصد بالأقوال في تعريف أهل العلم ما قاله النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-، وأمّا الأفعال: فهيَ أفعاله -عليه السّلام-؛ كالصّلاة، والقضاء بشاهدٍ ويمينٍ في

الأموال، وأمّا التقارير: فهيَ ما يصدُر عن الصّحابة الكرام من أقوالٍ أو أفعالٍ علِمها النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- عنهم وسكت عنها، أو وافقهم عليها وأظهر رضاهُ عنها، أو لم يُنكرها عليهم، كأكلهم للحم الضبّ أمامه من غير إنكارٍ منه.[٥]

وأمّا الوصف الخَلقي:

فهو ما ورد في وصف خِلقته، كحديث البراء بن عازب -رضيَ الله عنه- أنّه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أحْسَنَ النَّاسِ وجْهًا وأَحْسَنَهُ خَلْقًا، ليسَ بالطَّوِيلِ البَائِنِ، ولَا بالقَصِيرِ)،[٦] وأمّا الوصف الخُلُقي: فهو ما ورد عن النبيّ -عليه السّلام- من صفاتٍ وأخلاقٍ، فعن أنس بن مالك -رضيَ الله عنه- قال: (لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَبَّابًا، ولَا فَحَّاشًا، ولَا لَعَّانًاً)

حجّية السنة النبوية
اعتاد المُسلمون قديماً وحديثاً على اعتبار السُنّة أحد الأصول الإسلاميّة التي تدُلّ على الأحكام الشرعيّة، وأمّا من أنكرها ولم يعتبرها حُجّة فقد مال عن الحقّ، كالقُرآنيّون؛ الذين يأخُذون من القُرآن فقط من غير أخذهم بِالسُنّة، فقد جاء عن الإمام الشاطبيّ في قولهِ عنهم: “إنهم قوم لا خلاق لهم”، وتصدّى لهم الأئمة الأربعة وردّوا عليهم، فهم تمسّكوا بظواهر الآيات، وبعض الأحاديث الضعيفة، وظهر على الوجه الآخر من يُسمّون بالحديثيّون؛ حيثُ يأخُذون من السُنّة دون النّظر إلى القُرآنِ الكريم وآياته، والأصل المُساواة بينهما؛ حيث إنَّ السُنّة تُبيّنُ مُجمل القُرآن الكريم، وتُخصّص عامّه، وتُقيّد مُطلقه،[٨] فحُجّيّة السُنّة ثابتةٌ بالكتاب وبإجماعُ الصّحابة الكِرام وبالمعقول، ومن الأدلّة التي تُثبت حُجّيّة السُنّة:أدلّة السنة النبوية في سنّة النبيّ والمعقول: فممّا يدُل على

مُشروعيّة السُنّة من السُنة النبويّة،

أنَّ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- حثَّ الصّحابةُ الكِرام على التّمسّك بالسنّة مع القُرآن الكريم، فقال -عليه الصّلاة والسّلام-: (تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسَّكتم بهما، كتاب الله وسنة نبيه)،[١٤]

وهذا دليلٌ على أنَّ من تمسّك بالسنّة فلن يضلّ، وكذلك ثبتت حُجّيّتُها بإجماع الصّحابة الكرام وفعلهم، حيثُ كانوا يرجعون إليها لمعرفة الأحكام، ومثال ذلك عندما جاءت فاطمة والعباس -رضيَ الله عنهما- إلى أبي بكر -رضيّ الله عنه- ليطلبا ميراثهما من النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-، فأخبرهم أنَّه سمع رسول – صلّى الله عليه وسلّم – يقول: (لا نُورَثُ ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ)،[١٥]

فقال لهما بأنَّ ما تركه الأنبياء صدقة، ولا يورِّثون مَن بعدهم.[٨] وكذلك قول النبيّ -عليه السّلام- (ألَا إنِّي أُوتيتُ القُرآنَ ومِثلَه معه)،[١٦]

فقول النبيّ -عليه السّلام- “أُوتيت” دليلٌ على أنَّ الله -تعالى- أعطاه مع القرآن شيئاً مماثلاً له، ولم يأتِ النبيّ -عليه السّلام- بشيءٍ مع القرآن الكريم سِوى السنّة النبويّة، فهذا دليلٌ من المعقول.[١٧]

أدلّة السنة النبوية بإجماع الصحابة: فمن إجماع الصّحابة الكرام؛ مثال الجدّة التي جاءت إلى أبي بكر -رضيَ الله عنه- تسأله عن نصيبها من الميراث، فقال لها: “لا أجد لك في كتاب الله من شيء”، فشهِد اثنين من الصّحابة أنَّ النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- قسم لها السُدس، فالحُكم الثابت بالسُنّة كالحُكم الثابت بِالقُرآن الكريم، إلَّا ما صدر عن النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- بطبيعته وخبرته الإنسانيّة، وما كان خاصاً به،[١١]

مكانة السنة النبوية في التشريع اضغط هنا

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Main Menu