حرفة الخوص
تعد صناعة الخوص من الصناعات التقليدية التي تنتشر بشكل موسع في المملكة، خاصة في المناطق التي تنتشر فيها أشجار النخيل كمنطقة القصيم، إذ يعد الخوص قديماً من ضروريات الحياة التي لا ينفك عنها إنسان تلك الحقبة من الزمن. ورغم اندماج المجتمع السعودي وسط الحداثة والتطور، إلا أن أم سعيد في إحدى الأسر المنتجة المشاركة في فعاليات مهرجان “قوت للتمور” في مدينة بريدة، سطرت بأناملها جريد النخيل لصناعة عديد من المقتنيات الأثرية التي تستهوي الزوار والمهتمين بهذه الحرفة العريقة، اذ تؤكد أنها امتهنت العمل في سعف النخيل منذ ما يقارب 45 عاماً، وجنت من خلال هذه الحرفة مبالغ طائلة. ولفتت النظر إلى أن المستهلك يحرص دائماً على شراء المقتنيات الأثرية التي تصنع من سعف النخيل كسفر الطعام والمحادر والقفة والسلال والمناسف والزبلان والأواني وغيرها، مشيرة أن مثل هذه المهرجانات تحافظ على استمرارية الموروث الشعبي الذي يعد إرثا للأجيال القادمة. وأوضحت، أن زوارها في مهرجان “قوت للتمور” مهتمين بهذه الحرفة القديمة، موضحة أن صناعة المشغولات من السعف تتم بطويها باليد على شكل تجديلة عريضة بحيث تضيق أو تتسع باختلاف الإنتاج، وتتشابك أوراق الخوص مع بعضها في التجديلة بعد أن تتحول إلى اللون الأبيض نتيجة تعرضها للشمس، مقدمة شكرها لمنظمي المهرجان على جهودهم الملموسة في المحافظة على الموروث الشعبي.
السعاف والسعفيات
العم عيسى صالح جميل العفري (48 عاما) الذي يمتهن صناعة الخوص منذ كان عمرة 10 سنوات بعد ورثتها من والده، اشار إلى أن صناعة الخوص ترتكز على أوراق شجر النخيل «سعفها»، وأبان: هذا الأمر سهل للإنسان ممارسة هذه الصناعة اليدويــة رغم أن الحرفة بدأت بالاندثار بسبب البدائل الحديثة لها.
وحول الأدوات المستخدمة في حرفة الخوض، أجاب «أدوات العمل الرئيسية فيها بسيطة وميسورة، وهي اليدان والأسنان بالدرجة الأولى والعظام والحجارة المدببة أو المخايط أو المخارز التي تقوم مقام الإبرة بالدرجة الثانية، إلى جانب بعض الأدوات الأخرى كالمقص ووعاء تغمر فيه أوراق النخيل، وورق النخيل من النوع المركب، واستعمالاته عديدة حسب موقعه من النخلة، فالذي في القلب تصنع منه السلال والحصران والسفرة والميزات، والنوع الذي يليه أخضر اللون يستعمل لصناعة الحصير وسلالة الحمالات الكبيرة والمصافي والمكانس وغيره، ومن الجريد تصنع الأسرة والأقفاص والكراسي».
طريقة تجديلية
وفيما يخص الخوص، أجاب: الخوص عبارة عن أوراق سعف النخيل تجمع وتصنع باليد بطريقة تجديلية عريضة تضيق أو تتسع باختلاف الإنتاج، وتتشابك أوراق الخوص مع بعضها في التجديلة بعد أن تتحول إلى اللون الأبيض نتيجة تعرضها للشمس، والخوص نوعان: الأول: هـو لبة الخوص، وتتميز اللبة بنصاعة بياضها وصغر حجمها، وسهولة تشكيلها وتستخدم لنوعية معينة من الإنتاج، والثاني: هو من بقية أوراق النخيل العادية وهي أوراق أكثر خشونة وطولًا ويتم غمرها بالماء لتطريتها حتى يسهل تشكيلها.
واستطرد: «كما يتم تلوين الخوص ولا يكتفى باللون الأبيض أو الحليبي بل يتم صبغ الخوص بالألوان الأخضر، العنابي، والبنفسيجي ـ حسب ألوان الطبيعة ـ وتتوافر هذه الأصباغ في محال العطارة، وتبـدأ الصباغة بغلي الماء في وعاء كبير وتوضع فيه الصبغة المطلوبة، ثم يتم إسقاط الخوص المطلوب تلوينه ويترك لمدة 5 دقائق، ثم يرفع من الماء ويوضع في الظل، أما بالنسبة للخوص الأبيض أو الحليبي فإنه يكتسب هذا اللون نتيجة لتعرضه للشمس فيتحول لونه الأخضر إلى اللون الأبيض.
تناسق الألوان
وتابع: «عند تصنيع الخوص لا بد من نقعه في الماء لتليينه، سواء كـان خوصًا عاديًا أو ملونًا؛ لأن الصبغة لا تزول بالماء، وبعد تطرية الخوص يسهل تشكيله ويبدأ التصنيع بعمل جديلة طويلة وعريضة متقنة الصنع متناسقة الألوان، ويختلف عرض الجديلة حسب نوع الإنتاج، وكلما زاد العرض كلما زاد عدد أوراق الخوص المستعملة وباتت الصناعة أصعب، وبعد صنع الجديلة يتم تشكيل الخوص بالاستعانة بإبرة عريضة وطويلة وخيط قد يكون من الصوف الأسود للتزيين».